اعتصم أمس عمّال شركة بابكو أمام بوّابة مصنع التكرير بالمعامير رافعين لافتات عليها ''لا للتمييز بين العمالة الوطنية والأجنبية''، و''لا للتمييز بين عمّال شركات النفط''.
وردّد المعتصمون شعارات تطالب بإقالة رئيس مجلس إدارة الشركة وزير شؤون النفط والغاز عبدالحسين ميرزا بسبب سياسات الخصخصة التي يقودها والتي من شأنها الإضرار بالعمالة الوطنية، حسب ما قالوا.
وشارك في الاعتصام مئات من العاملين بمعيّة عائلاتهم، وحضره الأمين العام لاتحاد نقابات عمّال البحرين سلمان المحفوظ، وأمين عام جمعية (وعد) إبراهيم شريف، حيث أعربا عن دعمهما لمطالب العمّال العادلة ورفض سياسات الخصخصة التي تتّجه لها بابكو.
واتّهم العمّال في شعاراتهم إدارة الشركة ''بحياكة المؤامرات ضدّ عمّالها لقطع أرزاقهم بعناوين وشعارات برّاقة كتقليل النفقات وإعادة الهيكلة''.
وفي كلمته للمعتصمين أشاد رئيس النقابة عبدالغفار عبدالحسين ''بوقفة العمّال وصمودهم'' حسب تعبيره، ورفض ما قامت به الشركة من إعلان إعطاء الحافز السنوي للعمّال أمس بعد أن كانت ترفضه طوال الأسابيع الماضية، وقال ''هدفنا من الاعتصام ليس الحافز فقط، فهو أقلّ من حقّنا، ولكن رسالتنا تتّسع لتشمل المشاريع الخطيرة التي تقوم بها الشركة والتي تتهدّد مئات من العمّال''.
وتساءل ''هل تطوير الشركة وتحديثها لا يكون إلاّ عبر سياسة قطع الأرزاق؟! .. ألم يسمع مسؤولو الشركة عن الحكمة القائلة (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق)''، متوعداً بالمزيد من التحرّكات العمّالية من أجل قضايا عادلة ومصيرية.
وأضاف ''دول العالم اليوم تبذل الجهد من أجل خلق المشروعات التي تنمّي العمالة وتزيد من إنتاجية أفرادها كماً ونوعاً خاصة في ظل تدفق مزيد من الأجيال الداخلة في سوق العمل، فيما نجد هذا البلد يتفنن في ابتكار مشروعات تقلل من العمالة وتزيد من أعباء صناديق التأمين والرعاية الاجتماعية''.
من جهته ذكر نائب رئيس النقابة محمد الدولابي في تصريح لـ''الوقت'' أن ''الاعتصام ما هو إلاّ خطوة أولى على صعيد تحرّكات العمّال''، لافتاً إلى أن ''النقابة ماضية في خطواتها من أجل منع تقطيع أوصال الشركة تحت عناوين الخصخصة وخفض النفقات''.
العمّال: محرمون من الترقيات
التقت ''الوقت'' عدداً من عمّال الشركة في الاعتصام حيث أعربوا عن تذمّرهم من الأداء الإداري وسياسات الترقية والتوظيف في الشركة، وقال الموظف في دائرة خدمات العوالي سيد شبّر سيدعدنان ''خبرتي في الشركة 31 سنة، فأنا أحد العمّال القدامى الذين خدموا في الشركة، ولكنّي مازلت على نفس الدرجة''، وأضاف ''في حين أنّ عمّالا آخرين أجانب لا يملكون مؤهلات ولا خبرة يصعدون السلّم الوظيفي''.
من جانبه قال الموظّف في قسم معالجة الزيت محمد سلمان ''خبرتي في العمل بالشركة 33 عاما، ومازلت في نفس الدرجة منذ 15 عاما''، وأضاف ''ابني خرّيج دبلوم في الميكانيكا وهو عاطل عن العمل 3 سنوات، وقدّمت أوراقه أكثر من مرّة وتحدّثت مع المسؤولين دون جواب، في حين يستقدمون الأجانب للعمل في الشركة''.
إلى ذلك قال الموظّف في قسم السلامة والصحّة عبدالله محمود ''أعمل في قسم مهم جداً في الشركة، وطبيعة عملي تقتضي التعرّض للمخاطر، ومع ذلك فإن المكافآت التي نحصل عليها قليلة''، وأضاف ''جئنا هنا للاعتصام لنسجّل موقفاً للأجيال المقبلة، فنحن قد تقادم بنا العمر وأوشكنا على الخروج من الشركة، ولكننا قلقون على مصيرها، على مستقبل أبنائنا فيها''، وتابع ''ليس لدي أبناء في الشركة، وأقصد من كلمة أبنائي كلّ البحرينيين، نريد أن نسجّل موقفاً لكلّ البحرين، لقد أتيت من مدينة الحد إلى هنا لأرفع صوتي عالياً: لا للسياسات التي تبعد الكفاءات البحرينية عن الشركة''.
المحفوظ: الوزير تجاهلنا
وصف الأمين العام لاتحاد نقابات عمّال البحرين سلمان المحفوظ الاعتصام بأنه ''رسالة إلى وزير هيئة النفط والغاز مفادها أنّ ما يجري من خصخصة عشوائية وغير مدروسة ومشاريع للتطوير لا نعرف عنها أي شيء وخصوصاً ما يمس حقوق العمّال هو أمر غير مقبول، ولن نسكت عنه''. وأضاف ''لسنا ضدّ إعادة الهيكلة وتطوير الشركة، ولكننا نطالب بحوار اجتماعي يتم فيه إشراك ممثّلي العمّال، كما أننا نرفض إطلاق العناوين التي لا نعرف كنهها''.
وأبدى محفوظ أسفه من ''تجاهل وزير شؤون هيئة النفط والغاز للخطابات الموجّهة إليه من الاتحاد العام لنقابات عمّال البحرين ونقابة شركة بابكو، حيث تضمّنت تلك الخطابات طلبات بالجلوس مع الوزير''، وقال ''لقد تجاهل الوزير تلك الخطابات، وهو بتجاهله ذاك أكّد عدم احترامه للقانون 33 الخاص بالعمل النقابي، وعدم احترامه للنقابات العمّالية ولمبدأ الشراكة الاجتماعية''.
وأضاف ''استمرار تجاهل الوزير اضطرنا لإجراء الاعتصام، وإذا أمعن الوزير في التجاهل ستكون لنا مواقف أخرى قد تصل إلى حدّ الإضراب عن العمل''.
من جهته اعتبر الأمين العام لجمعية العمل الديمقراطي (وعد) إبراهيم شريف مشاركته في الاعتصام ''موقفاً داعماً لجميع المطالب العادلة التي يرفعها عمّال الشركة''.
وفي تصريح لـ ''الوقت'' أكّد رفض جمعيته ''لمخطّطات خصخصة الشركة منذ أشهر ''حين أقدمت الحكومة على تحويل الإنتاج لإحدى الشركات الأجنبية، وللأسف فقد حصل مشروع الحكومة على موافقة مجلس النوّاب''.
وأضاف ''رفعنا صوتنا منذ ذلك الحين، بأنه لا توجد أي حاجة لخصخصة قطاع النفط المتوسّط، حيث لدينا الكفاءات البحرينية القادرة على تشغيل وإدارة هذا القطاع، ولم يجد صوتنا أي ردّة فعل إيجابية''. وتابع ''القطاع الوحيد الذي يحتاج على نحوٍ جزئي للاستعانة بالخبرات الأجنبية هو النفط الثقيل، عن طريق الاستئجار وليس بالخصخصة''. واعتبر أنّ خصخصة أقسام الشركة بداية ''لشغل الأجانب للوظائف التي من المفترض أن يشغلها البحرينيون''، داعياً العمّال إلى الوقوف صفاً واحداً ضدّ محاولات استبعادهم وتهميشهم''.
النقابة: لن يُخدع العمّال
إلى ذلك أصدرت نقابة شركة بابكو بياناً جاء فيه ''نقف اليوم على مفترق طرق ونحن تمر علينا قريبا الذكرى الخامسة والأربعون لذكرى حركة مارس والتي انطلقت من هذا الموقع حين قامت إدارة هذه الشركة آنذاك وتحت ذريعة تطوير التقنيات ووسائل الإنتاج في الشركة بفصل ما يقرب من 400 عامل''.
ورفض البيان ''ذرائع تطوير الحقل وآليات الاستخراج التي استخدمتها الشركة في القيام بتحويل 350 موظفاً وعاملا إلى شركة تطوير كدفعة أولى في تعميم أصدرته يوم 25 نوفمبر 2009م''، معتبراً ذلك مخالفا لـ''دستور المملكة وميثاقها الوطني وقانون النقابات 33 لسنة 2002م والاتفاقيات المعنية بالحقوق الأساسية في العمل دولياً وعربياً''. وقال ''تم الاجتماع بوزير النفط والغاز بحضور الاتحاد العام وحيث تم الاتفاق على إيجاد عقد عمل جماعي لا ينتقل عامل إلا بموجبه، ويتم صياغة العقد من قبل النقابة والاتحاد والإدارة بشكل مشترك، وأن تشكل لجنة مشتركة بين الأطراف يكون لها منسق من إدارة الشركة''، وأضاف ''لكن كل هذه الوعود ضُرب بها عرض الحائط''.
ورفض البيان ''تقليص حجم العمالة في التكرير والسعي لخصخصة المحطات والخزانات والمرفأ والمشفى وإنشاء مصنع جديد للتشحيم بطريقة الخصخصة أيضاً دون أي دور للطرف العمالي وكأن العامل مجرد آلة يسري عليه ما يسري على الآلات من الخصخصة والبيع ونقل الملكية أو الإعارة أو غيرها''.
وفي ختام البيان أكّدت النقابة رفضها ''التخلص من العمالة الوطنية بذريعة التطوير والتحديث''.
الأحد فبراير 07, 2010 12:15 pm